Monday, March 12, 2007

الجريمة الاسرائيلية

في يوم 31 يناير 2003 نشرت الصحافة الإسرائيلية في ملحق هارتس الأسبوعي و بقلم سارا ليفوفيتش تفاصيل جريمة إسقاط طائرة سلوى حجازي... و قامت مجلة مختارات إسرائيلية التي تصدر عن مركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية بالأهرام بترجمة الموضوع عن العبرية و نشره في عدد مارس 2003 تحت عنوان اقتربت من الطائرة و أطلقت النار عليها و هذا جزء من التحقيق المنشور


كل شيء انتهى بالنسبة لي و لست مهتما بإرضاء ضميري الشيء الوحيد الذي يهمني هو إغلاق هذا الملف هذا ما يقوله (ي) طيار الفانتوم الإسرائيلية التي أسقطت طائرة ركاب ليبية في فبراير 1973 حينما دخلت إلى شبه جزيرة سيناء التي كانت تسيطر عليها إسرائيل آنذاك و كانت الطائرة متجهة من الغرب إلى الشرق و كانوا في سلاح الطيران الإسرائيلي يخشون أن يكون هدف الطيار هو ضرب قاعدة عسكرية في بير جفجافة (رفيديم) أو بئر السبع فاقتربت من الطائرة طائرتان من طراز فانتوم و أصدرتا لها أمرا بالهبوط في قاعدة رفيديم إلا أن الطيار تجاهل الطلب و غير اتجاهه نحو الغرب و بدأ يطير في اتجاه الأراضي المصرية
و رغم انه كان واضحا أن الطائرة تبتعد عن الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل و أنها لا تشكل خطرا امنيا قامت الطائرتان الإسرائيليتان بإطلاق النار عليها و أصابتا خزان الوقود فتحطمت الطائرة الليبية و لقي 106 من ركابها و أفراد طاقمها مصرعهم و أصيب 7 آخرون

و اليوم و لم يبق على قيد الحياة من بين أفراد طاقم الطائرتين الإسرائيليتين البالغ عددهم أربعة سوى اثنان: الطيار ي الذي كان آنذاك قائدا لسرب طائرات فانتوم و كان يقود طائرة القيادة، و ملاح الطائرة الثانية. أما ملاح طائرة القيادة باروخ بلتيئيلي فقد قتل في حرب يوم الغفران، في حين لقي طيار الطائرة الثانية دورون شاليف مصرعه في حادث وقع أثناء التدريب في أغسطس من عام 1977
و رغم مرور كل هذا الوقت على هذه العملية مازال الطيار (ي) يعيش في خوف دائم على حياته و توضيحا لذلك فإنه يقول: يقول لي مسئولين كبار في جهاز الدفاع انه مازال هناك احتمال قائم بتصفية الحساب معي... و لذا كنت اعترض في الماضي على أي نشر صحفي حول القضية
و قد قال العميد احتياط جيورا فورمان الذي كان رئيسا لفرع عمليات سلاح الطيران آنذاك و كان موجودا في غرفة القيادة خلال العملية: لقد استقل (ي) طائرته و اعترض الطائرة الليبية و أسقطها.. لماذا تلاحقونه بالأسئلة بعد أن انتهى كل شيء... لا يمكنك أن تعاني عقد الذنب طوال الوقت كما انك مضطر للقتال و يقول العقيد احتياط شموئيل شيفر الذي كان رئيسا لجهاز المخابرات الجوية... و كان موجودا هو الأخر في غرفة القيادة: انه حتى لو مضت مائتا عام فلن أتحدث عن هذا كما يقول العميد احتياط موشية باراطوف الذي كان رئيسا لشعبة العمليات الجارية و تولى مسئولية غرفة القيادة خلال العملية: لماذا نتحدث عن هذا الأمر ؟ الموضوع كله كان محدودا، و لكنه الآن قد يسيء إلى علاقتنا الحساسة بمصر

في الحادي و العشرين من فبراير 1973 هبت على سيناء عاصفة رملية تسببت في حجب الرؤية... و في الساعة 12:40 أقلعت طائرة بوينج تابعة للخطوط الجوية الليبية من بني غازي في ليبيا بعد هبوط ترانزيت في رحلتها من طرابلس للقاهرة
كان يقود الطائرة الطيار الفرنسي جاك بورجية الذي كان يبلغ الثانية و الأربعين و يعتبر من الطيارين المحنكين و لسبب ما ضل الطريق و بعد ساعة من إقلاعه من بني غازي ابلغ برج المراقبة في القاهرة انه يتجه إلى النقطة التي كان يجب أن يتجه إليها و بدلا من القاهرة تقدمت الطائرة نحو قناة السويس
الساعة 13.54 التقط الرادار الإسرائيلي الطائرة التي كانت لا تزال فوق الأراضي المصرية و لكنها تطير في اتجاه سيناء و قد تم الدفع بالطيارين الإسرائيليين الذين كانا في حالة تأهب في بير جفجافة و صدرت لهما الأوامر بالإقلاع
كان قائد سلاح الطيران موردخاي هود و نوابه بنيامين بلد، فورمان شيفر، و ثلاثة ضباط آخرون متواجدون على الدوام في غرفة القيادة في تلك الفترة

و في مؤتمر صحفي بعد إسقاط الطائرة أوضح هود أن احد أسباب الخوف من الطائرة هو أن الأمر كان يجري في إحدى أكثر المناطق حساسية من الناحية العسكرية و جاء في مجلة تايم الأمريكية في عددها الصادر في الخامس من مارس 1973 و بلهجة ساخرة أن هذه المنطقة الحساسة يزورها بصفة دائمة ممثلون عن منظمات يهودية أمريكية

بعد الساعة الثانية بعد الظهر بدقائق معدودة وصلت الطائرة إلى بير جفجافة و حلقت فوق القاعدة العسكرية و دارت عائدة إلى الأراضي المصرية لم يقنع هذا المشهد كبار مسئولي سلاح الطيران في غرفة القيادة بالتخلي عن إسقاطها
و جاء في مجلة بمحانية العسكرية بعد الحادث بأيام أن سلوك الطائرة كان يثير الشبهات هل هي طائرة مخربين تحاول التسلل من اتجاه غير متوقع أم ربما هي طائرة تجسس تحلق فوق مناطق حساسة كانت هذه الاحتمالات تبدو معقولة في حين أن احتمال كونها طائرة ركاب عادية كان يبدو بعيدا عن الواقع و لكن السؤال الأهم هو: لماذا تم إسقاط الطائرة في حين أنها كانت تبتعد هذا ما يقوله اللواء احتياط دافيد عفري الذي كان آنذاك قائدا لقاعدة جوية و بعد ذلك قائدا لسلاح الطيران مضيفا إلا أن السؤال لا يمكن طرحه في خضم الأحداث لأنه بسبب ضغوط مثل هذه الأوضاع كثيرا ما تكون هناك أخطاء

و في مؤتمر صحفي عقد بعد إسقاط الطائرة سئل موشية ديان وزير الدفاع آنذاك عما إذا كان امن إسرائيل سيتعرض للخطر لو كانت الطائرة قد واصلت طيرانها إلى مصر فرد ديان قائلا أن هذه ليست هي المشكلة و لكنها يجب أن تطرح على الوجه التالي لو حلقت طائرة تابعة لدولة معادية حتى لو كانت طائرة مدنية فوق منطقة محظورة في فترة توتر و كانت تصرفاتها مشبوهة و لم تنصع للأوامر هل يمكن استخدام القوة لإجبارها على الهبوط حتى يمكن إلقاء الضوء على سلوكها و على نواياها التي تبدو و كأنها نوايا معادية هذا السؤال أرد عليه بالإيجاب
و قال رئيس هيئة الأركان العامة آنذاك دافيد اليعيزر في نفس المؤتمر الصحفي إن اتجاه الطيران لا يهم المهم هو نوايا الطائرة

كتبت صحيفة اوبزرفر البريطانية بعد أيام من إسقاط الطائرة أن الشيء الغريب هو أن الإسرائيليين لم يتسلحوا بقدر كبير من الصبر كما كتبت صحيفة صنداي تايمز انه لم يمض إلا أربع دقائق فقط بين دوران الطائرة في طريق العودة إلى مصر و بين إطلاق النار عليها

غداة إسقاط الطائرة عقد قائد سلاح الطيران مؤتمرا صحفيا شارك فيه الطياران (ي)، و شاليف لم تكن هناك علامات للرتب فوق كتفيهما و لم يقدما باسميهما كان التوتر يبدو عليهما و فيه قال الطيار (ي) انه لم يشاهد ركابا في الطائرة و يضيف بحثنا عنهم و لكننا لم نشاهد أحدا لان الستائر كانت مسدلة من الجانبين إلا أن مضيفا و أحد الركاب ممن نجو من الحادث قالا فيما بعد أنهما شاهدا الطائرات الإسرائيلية و قال جان بول بورديية المضيف الفرنسي المصاب الذي عولج في المستشفى في بئر سبع لقد شاهدت نجمة داود على جانب الطائرة و قال احد الركاب المصريين للصحفيين إنني كنت اجلس في مقعدي و فجأة شاهدت الطائرات الإسرائيلية المقاتلة تقترب من طائرتنا فصرخت محذرا قائد الطائرة إلا انه رد علي قائلا لا تخف لا شيء هناك ساد الذعر في الطائرة حيث اخرج بعض الركاب المصاحف و بدأوا يصلون و قد قال عواد مهدي الطيار الثاني الذي نجا من الحادث أصابنا رعب هائل عندما عرفنا أننا فوق منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية كان كل ما يشغلنا هو الهروب

و في شريط التسجيل الموجود بالصندوق الأسود كان هناك الحوار التالي في كابينة الطيار تسائل مهندس الطائرة وسط أصوات إطلاق النار ما هذا رد عليه الطيار الثاني لقد شاهدت بعض الصواريخ و قال مهندس الطائرة لقد أصابونا أبلغ قائد الطائرة برج المراقبة في القاهرة اعتقد أننا نواجه مشاكل في البوصلة و في الاتجاه لقد أصابتنا طائراتكم الآن إلا أن الطيار الثاني صحح معلوماته بقوله إنها طائرة إسرائيلية مقاتلة... طائرة إسرائيلية مقاتلة و توقف التسجيل بضع دقائق قبل أن تتحطم الطائرة


بعد وقت قصير وصلت مروحيات الإنقاذ التابعة لسلاح الطيران الإسرائيلي إلى المكان الذي تحطمت فيه الطائرة و كان عضو الكنيست اليعيزر كوهين الذي كان قائد سرب مروحيات آنذاك ضمن أول من شاهدوا حجم الكارثة و هو يقول أنا رجل ذو أعصاب قوية لا اشعر بالتأثر من أي شيء لقد شاهدت كل شيء في حياتي إلا أن ما شاهدته هنا كان تناقضا هائلا بين أن تطلق النار على طائرة تشكل خطرا عليك و بين أن تطلق النار على طائرة مدنية أقلعت بالطائرة مرة أخرى لإبلاغ قائد سلاح الطيران بما أشاهده... المشهد مروع كان الطيار الثاني مازال على قيد الحياة و كان راقدا فوق الرمال و هو يصرخ لماذا فعلتم هذا؟ إنكم مجانين لقد أسقطتم الطائرة انتم قتلة... انتم قتلة و لو كنت مكانه لتعالى صراخي أكثر

و قد عثر مراسل مجلة نيوزويك الذي زار مكان الحادث بعد فترة قصيرة من إسقاط الطائرة على بقايا المأساة مبعثرة على الأرض.. ملابس، كتب، لعب أطفال، جثث احترق معظمها و يصعب تمييزها ، و كان بعضها مازال مربوطا بالمقعد و في مستشفى بير جفجافة التقى كوهين بالطيارين الإسرائيليين اللذين اسقطا الطائرة وصلا بسيارة جيب لرؤية ما حدث لقد أصيبا بصدمة بعد أن أدركا فداحة ما حدث

تعامل الساسة مع حادث إسقاط الطائرة بلا مبالاة و عدم اكتراث و قد قررت الحكومة عدم تشكيل لجنة تحقيق استنادا إلى فتوى المستشار القانوني للحكومة آنذاك ميئير شمجر الذي قال إن سلاح الطيران عمل من خلال الالتزام بالقانون الدولي
و في مناقشات جرت بالكنيست قال حاييم تسادوك رئيس لجنة الشئون الخارجية و الأمن أية محاولة للتعرف الآن على مدى سلامة القرار في تلك اللحظات المصيرية لن تأتي بفائدة
و قد شارك كل من رئيس هيئة الأركان العامة و قائد سلاح الطيران في مناقشات الكنيست و قد صافحاهما الكثير من أعضاء الكنيست بحرارة كما لو كانا عائدين من عملية عسكرية مجيدة و ليسا كمسئولين عن مقتل 106 مدنيين بلا مبرر و كتب مراسل صحيفة معاريف في الكنيست آنذاك لاشك أن تواجدهما شخصيا قد زاد من تعاطف نواب الشعب مع جيش الدفاع الإسرائيلي
و في نهاية الأمر قررت الحكومة دون أن تعترف بالمسئولية منح 30 ألف دولار لأسرة القتيل و من 10 إلى 3 ألاف دولار لكل مصاب تبعا لخطورة الإصابة ، لكن الحكومة المصرية رفضت ذلك التعويض آنذاك

و بعد فترة قصيرة من إسقاط الطائرة قامت رئيسة الوزراء جولدا مائير بزيارة الولايات المتحدة و سئلت هناك هل ستواصلون أعمالا من هذا النوع؟ فأجابت بقولها لا شك في هذا أما قادة سلاح الطيران فقد كانوا أكثر حرصا يقول عفري كان هناك شعور جزئي بالفشل فنحن بوجه عام محترفون و لكن كانت هناك منظمة فشلت بسبب سوء الفهم و أنا كقائد لسلاح الطيران بعد ذلك كنت أكثر حرصا .. لقد وعوا الدرس في سلاح الطيران لفترة طويلة
و يقول عاموس لبيدوس الذي تولى قيادة سلاح الطيران في السنوات من 1982-1987 كانت الصدمة شديدة.. لقد سارت الأمور وفقا لما هو معمول به كل فرد قام بدوره ثم حدث ما حدث إلا أن حرب يوم الغفران نشبت بعد ذلك و فقدنا ما يقرب من مائة طائرة و تعرضنا لصدمات أخرى عنيفة هذه هي الحياة من المؤكد أنهم استخلصوا الدروس و العبر فالرأي العام العالمي في النهاية سيقول إن سلاح الطيران الإسرائيلي قد اسقط طائرة مدنية

من ضمن أفراد طاقم الطائرة الليبية و الركاب البالغ عددهم 106 أشخاص لم يبق على قيد الحياة إلا سبعة كان معظم الضحايا من العرب و من بينهم سلوى حجازي المذيعة بالتليفزيون المصري و هي أم لأربعة أبناء و صالح بصير وزير خارجية ليبي سابق و الدكتور محمود أبو وافية رجل قانون مصري شهير


المقال الرئيسي بقلم رشاد كامل
مجلة صباح الخير
.العدد 2488 الثلاثاء 9 سبتمبر 2003 م الموافق 12 رجب 1424 هـ
ص 6 ، 7 ، 8 ، 82

8 comments:

Anonymous said...

الله يرحم الشهيدة سلوى حجازي

أحمد سلامــة said...

الكلام ما سبوش حد لا مواطن عادى ولا جندي
الله يلعنهم كلهم في كل وقت وأدان

micheal said...

و الله حرام الدم المصري المهدر في كل زمان و مكان...من أسري 67 الي ضحايا الطائره الي ضحايا العباره...كل ده و الحكومه لا و لن تحرك ساكنا بسبب كامب ديفيد الي نصر علي احترامها من طرف واحد...بجد أنا مبسوط جدا بالمدونه دي اللي بتفكرنا و بثرينا بالمعلومات عن سلوي حجازي احدي رائدات الاعلام المحترم التي ستظل محفورة في وجداننا
تحياتي لكي و لكل من يحيي ذكري العظماء

FATMA said...

كل سنة و انتي طيبة

mahmoud said...

أين شعر سلوى؟؟؟
أنا عطشاااااااااااااااااان
يا ريت كام قصيده على زوقك
----
انا منبهر لحد دلوقت باهتمامك بفنانه و انسانه نادرة الوجود اللى هى سلوى, انا بحبها اوى رغم انها توفت قبل انا ما اتولد اصلا, شعرها كلو عذوبه لا متناهيه و بيدخل القلب مباشرة, سؤال..يا ترى الاقى اشعار سلوى فين؟؟؟؟

تحياتى و تقديرى

Anonymous said...

i read somewhere that real spy in the (di masr ya 3abla) story was lured to lybia and arrested there and being transerred to egypt, she was very important for israel and held many secrets, so they tried to disrupt the plane navigation system and cause it to land in their territory, but they just got the wrong plane!

shereen said...

رحمها الله وأسكنها فسيح جناته... وحسبنا الله ونعم الوكيل في كل القتلة

تيسير الشامى said...

الله يرحم الجميع والدى يرحمه الله كان على متن نفس الرحلة وهو الشهيد(حسنى زكى الشامى)